الحب.....
صادق الجنون...تزوج من الغيره...وأنجب الشك...
يقال أن الحب خلق فى صورة رجل شديد الجمال له عينان ملونتان جمعتا بين زرقة الأزهار وخضرة الأشجار ثم نزل إلى الأرض ولكن الحب لم يستمتع بسكينته كثيراً ...إذ جاء الجنون فى إحدى نوبات غضبه صانعاً عاصفه رهيبه وفى فترة هيجانه فقع الجنون عينى الحب فأفقده بصره وقضى على جمال عينيه وهكذا صار الحب منذ هذه اللحظه أعمى إلى الأبد...وراح الحب يبكى حزيناً محسوراً وبعد أن هدأ الجنون نظر إلى الحب وأحس بالندم على ما فعل وأراد أن يكفر عن ما فعل وقرر أن يقضى بقية حيلته مرافقا للحب يقوده ويوجهه ومنذ ذلك الحين صار الجنون قرينا للحب...ثم جاءت الغيره كانت امرأه سوداء البشره قبيحة ممزقة الملابس شعرها مهوش وأبيض كالقطن لها عين واحده فى منتصف رأسها لا ترى بها إلا أقرب الأشياء ولا تستطيع النظر إلى اليمين أو اليسار...ذهبت الغيره إلى الحب الأعمى والجنون وقالت لهما:أنا وحيده بلا رفقه...إصحبانى معكما فى طريقكما فسأكون ذات فائده لكما فى مهمتكماالصعبه...نظر إليها الحب والجنون فى شك ولكنها أكملت:سأربط القلوب إلى بعضها بنار لا تخمد...فقال الحب:وقد تخمد تماماً فيزول الحب...فقالت الغيره:ولكنكما بدونى لا تفعلا شيئاً فجربانى...وهكذا رافقت الغيره الحب والجنون وصارت تتحرك معهما أينما ذهبا...وأخرجت الغيره من حقيبتها قطعةزجاج ومنحتها للحب قائله:هذه مرآتكسترى عبرها الأشياء وستعوضك عن نور عينيك وجهها تجاه ما تريد وستراه ليس مثلما يراه الجميع فتلقى الحب الهديه شاكراً ونظر فيها وبدهشه وجد نفسه يبصر فوجهها تجاه الغيره فرآها إمرأه شابه جميله متناسقة القوام ووجهها أبيض كالصباح وشعرها ناعم فوقع الحب فى غرامها من أول نظره وقرر أن يتزوجها...إندهش الجنون وحذره بأن كل ما رآه فى المرآه كذب وقال له:مرآه عمياء مثلك...ولكن الحب لم يصدقه وأصر على موقفه وتزوج الغيره وهكذا صارت مرآة الحب العمياء هى مرآةجميع المحبين من بعده...مرت أسابيع وشهور كان إنتفاخ بطن الغيره يزداد يوماً بعد يومحتى جاءت ليله حالكة السواد غزيرة المطرراحت تصرخ فيها بأعلى صوتها ومع الفجر كانت آهاتها قد خمدت وقد أنجبت طفلاً كان يشبهها كثيراً ولكنه بلا ملامح فكان وجهه صفحه معتمه وبلا عيون وبلا أذنين ...خاف الجنون عندما رآه وأصابه الذعر ولكن الحب أخرج مرآته ونظر فيها فوجده طفلاً جميلاً بل أشد جمالاً من أمه...وكان حجمه يزداد يوماً بعد يوم بطريقه مرعبه دون أن يدركو تفسير ذلك ...ولد الشك من رحم الغيره...كائن لا يسمع ولا يرى ويتضخم بمرور الأيام عليه...وفى ليله بارده ناموا فيها متلاصقين وفى الصباح التالى إختفوا جميعاً وانصهروا فى كائن واحد لا يستطيع أحد تحديد عمره.يبدو طفلاً صغيراً بقدر ما يبدو شيخاً طاعناً ..يبدو سعيداً ومعذباً..يبدو وديعاً وشرساً..جريئاً وجباناً....
كائن غامض مليىء بالتناقضات...وهكذا استيقظ الحب وقد صار يحمل بداخله هوس الجنون ونار الغيره وجحيم الشك...
ومضى يبدأ رحلته بين قلوب البشر...